ذكرت تقارير صحفية أن حزب المؤتمر الشعبي المعارض بزعامة حسن الترابي، اختار القيادي الجنوبي عبد الله دينق نيال، ليكون مرشحاً لرئاسة السودان في الانتخابات المقبلة لمواجهة الرئيس السوداني الحالي عمر البشير.
اضافت التقارير ان اختيار جنوبي في مواجهة البشير سوف يزيد من تفاقم الأزمة بين شريكي الحكم في السودان، خاصة في ظل التصريحات التي تخرج بين الحين والآخر من قادة الجنوب والتي تؤيد صراحة الانفصال عن الشمال عبر الاستفتاء المقرر عام 2011.
وحسبما ذكرت صحيفة "الوطن" السعودية، توقعت مصادر من الحزب الاتحادي الديموقراطي أن تسفر المشاورات الجارية داخل الحزب لاختيار نائب رئيس الحزب علي محمود حسنين مرشحاً لرئاسة الجمهورية، رغم رغبة رئيس الحزب محمد عثمان الميرغني دعم البشير. .
ونقلت الصحيفة عن مصادر سودانية قولها، ان ترشيح حسنين يجد سنداً قوياً من كل الفصائل الاتحادية، بما فيها المجموعات التي تخلت عن مسمى الحزب الاتحادي، وسجلت بأسماء أخرى.
وكان الترابي قد رفض في تصريحات له الشهر الماضي، تحديد موقف حزبه من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة العام المقبل، واصفا الحكم الحالي في السودان بأنه "ديكتاتوري يستخدم القوة ضد الرعية ولا يعرف حرية صحف ولا حرية أحزاب إلاّ أن تُترك أشكالاً يتزين بها للناس، لأن الديموقراطية أصبحت قيمة في العالم... والنظام السوداني لا يعرف حدّاً لفترة الحكم".
كما استبعد تجدد الحرب بين الشمال والجنوب في حال عدم تنفيذ الاتفاقات الموقعة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية "شريكي الحكم الرئيسيين في البلاد"، زاعما، أن "أكثر من تسعين في المئة من الجنوبيين يجنحون نحو الانفصال عبر الاستفتاء بسبب تراكم المظالم، ولن يتغير هذا الأمر إلا إذا قامت الحكومة في الشمال بما أسماه "التحولات الجوهرية" في سياساتها نحو الجنوب.
سباق تسلح جديد
في سياق متصل، حذر مركز أبحاث من ان شمال وجنوب السودان ينزلاقان مجددا نحو الحرب في الوقت الذي قال فيه تقرير منفصل ان كلا الجانبين ينخرط في سباق تسلح في حد لحظر دولي.
ونقلت صحيفة "القبس" الكويتية عن مركز ابحاث الازمات الدولية، قوله: ان العلاقات بين الجانبين انهارت منذ ذلك الوقت ويحتاج السودان الآن الى وقت اطول للإعداد للاستفتاء على استقلال الجنوب المتوقع ان تكون اجابته "نعم" اذا اراد تفادي التفكك عن طريق العنف.
وقال تقرير لمجموعة مراقبة الاسلحة الصغيرة ان جيشي الجانبين وعددا من الجماعات والميليشيات المتمردة تقوم ايضا بجمع وتخزين الاسلحة قبل حدوث اي صراع، بالرغم من حظر السلاح الذي يفرضه الاتحاد الاوروبي والأمم المتحدة.
وقالت المجموعة ان شحنات الاسلحة التي ابلغت عنها الحكومة السودانية زادت بحدة في الفترة بين عامي 2001 و2008. واضافت ان مزيدا من الاسلحة ينقل عبر اراضي الدول المجاورة ومصادر اخرى بمساعدة سماسرة بعضهم اوروبيون.
حلم الجنوبيين وتشكيك الشماليين
كان العديد من قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان قد توقعوا في أكثر من مناسبة حدوث انفصال الجنوب، وارجعوا ذلك إلى ما اسموه فشل شريكهم في الحكم "حزب المؤتمر الوطني" بزعامة الرئيس عمر البشير في "جعل الوحدة بين الشمال والجنوب جاذبة"، عبر مشروعات للتنمية وبناء الثقة، غير أن الوطني ترى أن الحركة الشعبية هي، التي قدمت أسوأ تجربة حكم في الجنوب، بصورة عمقت الصراع بين الطرفين.
ولكن مصادر دبلوماسية سودانية شككت في قدرة الحركة الشعبية، التي تدير الجنوب منذ عام 2005، على إدارة دولة منفصلة لعدم توافر البنى التحتية التي تؤمن استمرارية أي دولة مستقلة.
وتوقعوا عجز الحركة، التي تعاني انتشار الفساد في مؤسساتها، عن تقديم الخدمات الأساسية لسكان الجنوب بفعل استنزاف مواردها من العائدات النفطية والمساعدات الدولية على الجيش كرواتب لضباطه وجنوده.كما أن مسألة التداخل السكاني بين الشمال والجنوب تعدّ من المعوقات الأساسية في وجه تحقيق الانفصال.
وأشارت المصادر السودانية نفسها إلى وجود ما يقارب من 4 ملايين جنوبي في الشمال، وبالتالي في حال حدوث انفصال لا بد من إنجاز ترتيبات جديدة مرتبطة بمصيرهم. ترتيبات تبدأ باحتمالات ترحيلهم باعتبار أنهم سيصبحون مواطني دولة ثانية، مع ما يثيره ذلك من ضرورة إعادة تعريف المواطن السوداني لتصنيفه بين شمالي وجنوبي.
كذلك تطرح مسألة النفط وعمليات تصديره. وترى المصادر أن الجنوب في حالة انفصاله سيكون دولة مغلقة، ولن يمتلك موانئ بحرية تمكنه من تصدير النفط. وبالتالي، فإنه للاستغناء عن الشمال كممر للتصدير، لا بد أن تكون كينيا هي البديل.
ورغم كل ما سبق، فان خيار الانفصال يبقى قائماً، خاصة بعدما كشفت صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية أن الصين وكينيا تتفاوضان لإقامة ممر لتصدير النفط السوداني، بالإضافة الى بناء طرق وسكك حديدية تصل الى جنوب السودان وأثيوبيا، لتشكل طريقاً بديلة لتصدير نفط جنوب السودان.
هذه المخططات تبقي مخاوف الشمال من الانفضال قائمة. وتبدي المصادر السودانية خشيتها من التأثيرات السلبية لعدم استقرار الجنوب في حال انفصاله، وترجح تفتته إلى دويلات لن يكون الشمال بطبيعة الحال بعيداً عن تداعياتها.
وكان اتفاق السلام الشامل لعام 2005 الذي أنهى الحرب بين الشمال والجنوب، قد أقام حكومة ائتلافية في الخرطوم وحكومة متمتعة بحكم ذاتي محدود في الجنوب. والى جانب الاستفتاء وعد أيضا بإجراء انتخابات وطنية مقررة في فبراير عام 2010 وتقسيم عائدات النفط بين الجانبين.