نسمة الإسلام نــائب المديــــر
عدد الرسائل : 1266 العمر : 40 العمل : القراءة - الخيل - الشطرنج تاريخ التسجيل : 21/11/2009
| موضوع: كل إناء بالذي فيه ينضح الإثنين ديسمبر 07, 2009 2:50 pm | |
| العقل نعمة عظيمة من نعم الله على الإنسان ، و هو مناط التكليف ، و الحفاظ عليه من مقاصد الشريعة الخمسة ، فينبغي إذن أن نحافظ عليه و نرتقي به ، لا أن نمتهنه بالسخافات ، و لا أن نهمله فنعيش كالبهائم ، همنا الأكل و الشرب و اللهو و اللعب ، فنصبح كما قال أحدهم : إنما الدنيا طعام = و شراب و منام فإذا فاتك هذا = فعلى الدنيا السلام فهذا مما لا يليق بذلك المخلوق الذي كرمه الله بالعقل ، و جعله خليفة في الأرض . و من المؤسف حقا أننا نرى بعض الشباب ممن يدرسون في الجامعات لا يزالون يشاهدون الرسوم المتحركة !! ، و لو تحدثت مع أحدهم أو ناقشته في موضوع ما ، وجدت ضحالة في التفكير مما لا يتناسب و لا ينسجم مع مرحلته الدراسية ، و لست أدري شباب كهذا كيف سينهض بأمته ؟!! . لابأس بالقوم من طول و من قصر = جسم البغال و أحلام العصافير فلابد إذن من أن نرتقي بعقولنا ، و أن نسمو بأفكارنا ، و لكن ... كيف يكون ذلك ، و ما هو السبيل ؟. في الحقيقة إنها سبل و ليست سبيل واحدة ، و أولها طلب العلم ، و أشرفه العلم الشرعي ، فبدونه لا يستطيع المسلم أن يقيم أمور دينه. يقول الإمام الشافعي : ليس بعد الفرائض أفضل من طلب العلم ، فهو نور يهتدي به الحائر . و يقول الإمام ابن حنبل : الناس إلى العلم أحوج منهم إلى الطعام و الشراب ، لأن الرجل يحتاج إلى الطعام و الشراب في اليوم مرة أو مرتين ، و حاجته إلى العلم بعدد أنفاسه . تعلم فإن العلم زين لأهله = و فضل و عنوان لكل المحامد و كن مستفيدا كل يوم زيادة = من العلم و اسبح في بحار الفوائد ثم يأتي بعد ذلك طلب العلوم النافعة التي تعيننا على أمر دنيانا ، كالطب و الهندسة و الأحياء و الكيمياء .. و غيرها مما لابد منه ، و لا تستقيم الحياة إلا به ، فالعلم نور ، و الجهل ظلمات و باب لكثير من المفاسد . العلم ينهض بالخسيس إلى العلا = و الجهل يقعد بالفتى المنسوب و من السبل التي تؤدي إلى استنارة العقل و اتساع الأفق ، القراءة الجادة ، و المطالعة في الكتب النافعة ، فأنت بالقراءة تضيف عقولا إلى عقلك ، و تختصر تجارب و خبرات الأمم و الأشخاص في وريقات ، هذا عدا عن الأنس و المتعة التي تجدها في القراءة . يسلي الكتاب هموم قارئه = و يبين عنه إذا قرأ نصبه نعم الجليس إذا خلوت به = لا مكره يخشى و لا شغبه قيل لابن المبارك مرة : مالك لا تجالسنا ؟ فقال : أنا أذهب فأجالس الصحابة و التابعين ، و أشار بذلك إلى أنه ينظر في كتبه . و يقول ابن الجوزي : و إني أخبر عن حالي ، ما أشبع من مطالعة الكتب ، و إذا رأيت كتابا لم أره فكأني وقعت على كنز ، فلو قلت أني قد طالعت عشرين ألف مجلد كان أكثر ، و أنا بعد في طلب الكتب ، فاستفدت بالنظر فيها ملاحظة سير القوم ، و قدر هممهم ، و حفظهم ، و عاداتهم ، و غرائب علوم لا يعرفها من لم يطالع . لنا جلساء ما نمل حديثهم = ألباء مأمونون غيبا و مشهدا يفيدوننا من علمهم علم ما مضى = و عقلا و تأديبا و رأيا مسددا بلا فتنة تخشى و لا سوء عشرة = و لا يتقى منهم لسانا و لا يدا فإن قلت : أموات فلا أنت كاذب = و إن قلت : أحياء فلست مفندا فاقرأ و طالع ، و تجول بين الحدائق ، و اقتبس من كل بستان زهرة ، و لا تقف عند علم واحد ، فإن المرء عدو لما يجهل . لا فالنحل ناحق من كل فاكهة = إياك بالحق هذا الشمع و العسلا الشمع فيه ضياء في ضياءته = و الشهد فيه شفاء يشفي العللا سبيل آخر يعين على الارتقاء بالعقل ، و هو مصاحبة و مجالسة ذوي العقول المستنيرة ، و هؤلاء يعرفون من خلال حديثهم ، فعقل المرء مخبوء تحت لسانه ، و المرء بأصغريه : عقله و لسانه ، فمن خلال الكلام تعرف إن كان صاحبه ذو عقل مستنير أو سقيم . و هذا اللسان بريد الفؤاد = يدل الرجال على عقله يقول أحمد بن عطاء : مجالسة الأضداد ذوبان الروح ، و مجالسة الأشكال تلقيح العقول . ذو النقص يصحب مثله = و الشكل يألف شكله فاصحب أخا الفضل لكي = تقفو بفعلك فعله و أخيرا أقول ، أن مخرجات المرء تأتي تبعا للمدخلات ، فالكتب و المجلات التي تقرأها ، و البرامج و الندوات التي تحضرها أو تسمعها ، و الأشخاص الذين تحتك بهم و تجالسهم ، كل ذلك يؤثر و يسهم في تشكيل و صياغة عقلك و فكرك ، فكل إناء بالذي فيه ينضح .
| |
|