ائر القطاعات، بالثورة المعلوماتية، اذ اضحى معظم الناشرين الاعتياديين يتلقون طلبات لنشر وتوزيع وتسويق بعض العناوين الخاصة بهم الكترونيا: فقد نشأت تقنيات حديثة طورّت النشر كالتوزيع الالكتروني (electronic distribution) والنشر عبر موقع الويب (***-****d publishing) والطباعة غب الطلب (Print on demand) وغيرها من التقنيات الحديثة. وكذلك، أثّر هذا التطور الالكتروني على النشر الاعتيادي، اذ اصبح العديد من الناشرين او الموزعين يعتمدون سياسة ببيع منشوراتهم الورقية وغيرها على مواقعهم الالكترونية، وقبض ثمنها بواسطة البطاقات المصرفية.
والجدير ذكره، ان صناعة النشر الالكتروني، تعتبر جزءاً لا يتجزأ من هذه الثورة الرقمية العالمية، بخاصة وان معظم ما يتم نشره على صفحات الويب له طابع نشر الكتروني، مما يفتح آفاق جديدة للناشرين، وحتى، الهواة. لذا، نرى ان النشر الالكتروني قد شهد مؤخراً تهافتاً لم يسبق له مثيل في دنيا النشر بشكل عام.
والنشر الالكتروني ليس عمليا الا وسيلة جديدة لتناقل المعلومات ونشرها، هذه المعلومات التي تناقلتها اجيال عديدة بوسائل عدة كان آخرها النشر الورقي الطباعي الذي اصبح يسمى النشر التقليدي (Traditional publishing).
«الكتاب» عالم التكنولوجيا يعتبر سهلاً. نرى اليوم، ان معظم الآثار الالكترونية من كتب وموسوعات ليست الا نسخاً الكترونية لآثار ورقية نشرت بالشكل الاعتيادي سابقاً. وذلك يبقى ممكناً، إما بشكل سهل غير معقد كاستخدام تقنية الـScanning غير المكلفة، وإما بانشاء برنامج يحوي قاعدة معلومات متطورة مبنية على الربط بين النصوص (Hyperlinks) ومحركات البحث المتطورة (Search Engines).
ان الكثير من الناشرين – بخاصة المتخصصين بالحقوق – امثال Kluwer، Lexis Nexis، Dalloz، Jurisclasseur وصادر اضحى لديهم مواقع على الانترنت تنشر من خلاله الكثير من المعلومات، منها ما هو مجاني free access ومنها ما هو لقاء بدل. اما طرق استفادة النشر من المعلوماتية، فهي:
- بيع الكتب الورقية و/او المراجع الالكترونية (CD Rom) عبر مواقع الناشرين او المنظمات او الجمعيات او غيرها.
- حق نسخ و/او طبع نسخة واحدة من الاثر او الدراسة المنشور نبذة عنها على مواقعهم لقاء بدل محدد مسبقاً عن كل تنزيل او طباعة.
- الاشتراك السنوي ببنوك المعلومات الخاصة بهم لقاء بدل سنوي محدد مسبقاً.
- الاشتراك في بنوك المعلومات الخاصة بهم ودفع بدل ناتج عن مدة الاسترجاع وحجم المعلومات المسترجعة.
عالم الرقميات وتنجح لتصبح وحدها ذات تراث ورقي والكتروني مجتمعين.
أ- مقارنة عملية بين النشر الإلكتروني والنشر الإعتيادي:يوجد اختلافات عدة بين النشر الالكتروني والنشر الاعتيادي، منها ما هو ايجابي ومنها ما هو سلبي، نلخصها بالتالي:
1- السرعة في النقل الى الجمهور:لا شك في ان ابرز ما يميز النشر الالكتروني هو السرعة، اذ باستطاعة القارئ شراء نسخته الالكترونية ودفع ثمنها واستلامها بتحميلها على الحاسوب الخاص به و/او نسخها ورقيا (الطبع غب الطلب) والبدء بقراءتها فوراً، وذلك خلال دقائق معدودة ودون اية تنقلات خارج منزله و/او مكان عمله ودون دفع اية ضرائب واكلاف شحن او اية مصاريف اخرى.
ان السرعة التي تميّز النشر الالكتروني تؤثر ايجاباً على الناشر ايضاً الذي باستطاعته نشر المعلومات والمؤلفات الالكترونية بسرعة فائقة وبكلفة نوعاً ما متدنية.
2- كمية الطبع والاكلاف: سلباً على المستودعات الواجب وضعها بالتصرف لاستيعابها، مما يشكل كلفة اضافية على الناشر.
اما في ما خص النشر الالكتروني، فان كلفة النسخة الالكترونية (e-copy) او النسخة المطبوعة غب الطلب هي نفسها، بخاصة وان كلفة انشاء موقع الكتروني كما واستخدام التجارة الالكترونية (e-commerce) غير مكلفة واضحت نسبياً بمتناول الجميع، وتاليا، تبقى الاكلاف الموضوعة على عاتق الناشر نفسها مهما كانت الكمية. وايضاً، ان اعطاء القارئ حق طبع نسخة واحدة من الاثر لقاء بدل و/او حق تنزيل الاثر الكترونيا يؤدي الى تخفيض كلفة النسخة الواحدة بالنسبة للناشر، مما يؤدي الى زيادة ارباحه، باعتبار ان كلفة استصناع النسخة (ورق، حبر....) اضحى على عاتق القارئ وليس الناشر.
هذا لا يمنعنا من التنبيه ان المشكلة التي يواجهها النشر الالكتروني تبقى في تعدد البرامج المعتمدة لمثل هذا النشر، والاسعار الباهظة لبعضها، ونذكر على سبيل المثال: الـword من windows، والـPDF والـOpen E-book. ان هذه التعددية تؤثر سلبا على القارئ الذي يرى نفسه بصراع دائم مع التطور والجودة وسعر البرنامج اكثر منه من مضمون الكتاب الالكتروني، مما يحد نوعاً ما من عدد القراء «الالكترونيين» عالميا، بخاصة وان على القارئ تعلّم استعمال واستخدام البرنامج اولاً قبل البدء بقراءة الكتاب الالكتروني.
الاّ ان النشر الالكتروني يبقى وسيلة افضل للناشر باعتباره يخفض ما يقارب الـ50% من كلفة التنفيذ والطباعة الاعتيادية، بخاصة وان عقد النشر يبقى بطبيعته عقداً من عقود الغرر.
3- الجودة:ان كلفة النشر بواسطة الطباعة هي، كما ذكرنا، مرتفعة، لذا كان معظم الناشرين يعتمدون الدقة في اختيار العناوين القابلة للنشر، بخاصة وان النشر التقليدي يبقى عملاً تجارياً يحتاج غالبا الى رساميل كبيرة نظراً لكلفة الورق وارتفاعه الملحوظ عالمياً. لذا كان الناشرون يسعون وراء الكتب الافضل منعاً لتلقي اية خسارة تجارية ممكنة.
اما الكترونياً، فان كلفة النشر متدنية، كما ذكرنا، مما قد يؤثر سلبا على جودة ما ينشر. فالبعض ينشر معلومات مغلوطة، اما البعض الآخر فينشر ما يرده دون اية رقابة او رقيب. الاّ ان هذا لا يمنعنا من القول بأنه يوجد الكثير من الناشرين الالكترونيين الذين يعتمدون سياسة التحرير ويشددون على الـlayout، وتاليا على الجودة.
الجدير ذكره هنا، أن الكثير من المؤلفين، الذين لم يحالفهم الحظ مع اي ناشر، اعتمدوا وسيلة النشر الالكتروني الاحادي، مما يؤثر ايضاً على الجودة.
4- التعدي على حقوق المؤلف والحقوق المجاورة:انية، لا بل لسهولة فك الرمز السري، لذا نرانا امام عدد كبير من التعديات كنشر كتب و/او اغان و/او افلام و/او صور، الكترونيا، دون الاستحصال على اي اذن من المؤلف او صاحب الحق.
والجدير ذكره، انه حتى تاريخه لا توجد اية وسيلة ضامنة وكفيلة 100% لحماية الموقع من السرقة والقرصنة. وهذا ما يجعل النشر الالكتروني خطراً فعلياً، باعتبار ان وسائل قرصنة الكتب المطبوعة تنحصر فقط في تصويرها و/او اعادة طباعتها دون اذن المؤلف، والتي تعتبر بالرغم من عدم قانونيتها، اعمالاً مكلفة لضرورة استصناع الاثر المقلد.لا شك في ان ابرز ما يميز النشر الالكتروني هو السرعة، اذ باستطاعة القارئ شراء نسخته الالكترونية ودفع ثمنها واستلامها بتحميلها على الحاسوب الخاص به و/او نسخها ورقيا (الطبع غب الطلب) والبدء بقراءتها فوراً، وذلك خلال دقائق معدودة ودون اية تنقلات خارج منزله و/او مكان عمله ودون دفع اية ضرائب واكلاف شحن او اية مصاريف اخرى.
سرية (Passwords).
اما الامثلة على التعدي فهي كثيرة كـ:
- نشر كلمات اغان على الانترنت دون موافقة مؤلفيها.
- نسخ وبيع وتوزيع قواعد معلومات دون اي ترخيص.
- توزيع أثر الكتروني دون اذن مؤلفه.
- تحميل الحاسوب ببرامج غير مرخصة، وقد صدر بتاريخ 18 تشرين الثاني 2004، قراراً عن النيابة العامة التمييزية وهو الاول من نوعه في لبنان، اوقفت بموجبه احد مهندسي الكومبيوتر رهن التحقيق بسبب قيامه بنسخ برامج كومبيوتر وتثبيتها على اجهزة الكومبيوتر دون اذن او ترخيص من اصحاب الحقوق على البرامج المذكورة.
- نشر صور واعمال فنية على الانترنت دون اي ترخيص.
- نشر مقالات وصور وافلام اباحية او تمس بالدين او تتعدى على الحق في صورة الاشخاص او غيرها على الانترنت او حفظها وتوزيعها على اقراص مدمجة. علماً ان مثل هذه الاعمال تبقى خاضعة بشكل عام لقانون العقوبات والقوانين العامة المرعية الاجراء.
5- قلة الثقة بالتجارة الالكترونية:ان عدم الثقة في التجارة الالكترونية في عالمنا العربي تبقى المشكلة الاكبر، وذلك بالرغم من سعي بعض البلدان كدولة الامارات العربية المتحدة وبعض الجمعيات «كجمعية انماء المعلوماتية القانونية» في لبنان للتوعية المتعلقة بفوائد هذه التجارة. اضف الى ان مشروع e-comleb»» الممول من الاتحاد الاوروبي يسعى الى وضع اللمسات الاخيرة للاطار العام للتجارة الالكترونية في لبنان.
الا ان قلة الثقة هذه لا يمكن ترجمتها كقلة ثقة بالمعلوماتية القانونية نفسها، بخاصة لجهة قواعد المعلومات القانونية المتخصصة «كمجموعة صادر في المعلوماتية القانونية: قوانين لبنان» التي اضحت، في عدد لا يستهان به من مكاتب المحامين والقضاة والدوائر الرسمية، المرجع الاساسي، مما يؤكد ثقة المجتمع الحقوقي بالمعلوماتية واثرها الايجابي على حياته المهنية.
وهنا، يجب ان نؤكد على اهمية وضرورة تدريس قانون المعلوماتية، والمعلوماتية القانونية، والتجارة الالكترونية في كليات الحقوق في لبنان، لما له من اثر ايجابي على تطور النشر الالكتروني بشكل خاص، والمجتمع الحقوقي بشكل عام.
هذا ويجب الا نغفل ذكر اهتمام كل من وزارة العدل التي انشأت مؤخراً اول مكتبة حقوقية الكترونية، ونقابة المحامين في بيروت (التي انشأت مؤخراً اول لجنة معلوماتية بتاريخ النقابة) بالمعلوماتية واثرها على القانون مما سيؤثر لا محالة على النشر الالكتروني وتطوره قريباً.
اما عالمياً، فان التجارة الالكترونية تؤثر بشكل كبير على عالم النشر التقليدي والنشر الالكتروني على حد سواء، اذ بدأ العديد من المكتبات والناشرين يقومون بتسويق وبيع الكتب والمؤلفات الورقية على الانترنت (ابرزها يبقى موقع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] الشهير)، كما اعتمد بعض الناشرين وسيلة الطبع غب الطلب و/او ارسال المؤلفات الكترونيا كملفات الكترونية لقاء استحصالهم على بدل بمثابة حق مؤلف.
6- تنازع القوانين بالزمان والمحكمة المختصة للبت بالنزاعات:ان المشكلة الاساسية المرتبطة بالنشر الالكتروني تبقى نفسها المرتبطة بالتجارة الالكترونية بشكل عام، الا وهي مشكلة تنازع القوانين في المكان كما ومشكلة المحكمة المختصة للبت بالنزاعات، واللتين لا مجال للتوسع بهما في هذه الدراسة.
الا انه يجب التذكير بشكل مختصر بالآتي:
- يجب ادراج بند واضح متعلق بالصلاحية المكانية والقانون المطبّق في حال وجود اي نزاع متعلق بالعقد وذلك تطبيقاً لمبدأ حرية التعاقد.
- ان معظم الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالبيوعات الدولية (لاهاي 1955 الى فيينا 1980) اعطت الصلاحية للقوانين المطبقة في المكان المتواجد فيه البائع. الاّ انه من الممكن ادراج بند في العقد يولي الصلاحية الى مكان تنفيذ الموجب الاساسي، الا وهو موجب التسليم، بخاصة وان مشكلات التسليم، هي كثيرة تبدأ بعدم الاستلام الكلي او الاستلام بوقت متأخر واستلام كشف بنكي مختلف عن ما قام القارئ بدفعه او المؤلف بقبضه او اعتقدوا واجب دفعه عند اتمام العقد الالكتروني.
ان هذه الفروقات تؤدي الى اعتقاد البعض بأن العالم الالكتروني، وتاليا النشر الالكتروني، غارق في مستنقع الفراغ القانوني نظراً لعدم وجود تشريعات عديدة تعالج هذه المواضيع.
ان هذا المعتقد خاطئ: ان القواعد القانونية العامة تطبق الى حد بعيد على النشر الالكتروني باعتباره خاضع لقانون حماية الملكية الادبية والفنية رقم 75/1999 بخاصة لجهة النصوص المكتوبة، والصور والرسوم والموسيقى والاخراج الطباعي (Layout) والعناوين والبرنامج المنفذ وغيرها من العناصر المبتكرة. اضف الى ان بعض العناصر الاخرى محميّة ومنظمة بموجب قوانين اخرى كتلك المتعلقة بالعلامات التجارية والعقوبات والمطبوعات وغيرها (كالمزاحمة غير المشروعة ...).
ان هذا الاعتقاد الخاطئ اغرق العديد من الناشرين بمشاكل جمّة، عندما قاموا بتحويل منشوراتهم، بخاصة الموسوعات والمعاجم والمؤلفات المهمة الورقية، الى الكترونية، ونشرها اما على وسائط (CD Roms) او على الانترنت على مواقعهم الالكترونية، وذلك دون موافقة المؤلف او المؤلفين واصحاب الحقوق على الصور وغيرهم من اصحاب الحقوق على النسخ الورقية. لذا، يجب التذكير بأن اول ما يجب ان يقوم به الناشر عند تقريره تحويل المؤلفات المنشورة منه من ورقية الى الكترونية هو مراجعة جميع العقود الموقعة منه سابقاً والوقوف على مدى الحقوق المعطاة له لاستغلال الاثر عامة، خصوصاً وان الحقوق التي يتنازل عنها المؤلف لمصلحته تفسّر بشكل حصري دون اي توسع. لذا، يعتبر تحويل النسخ الورقية الى الالكترونية دون اخذ موافقة المؤلف الصريحة، تعديا على حقوقه.
ب- عقود النشر الالكترونية:
يحاول اصحاب الحقوق بخاصة الناشرين استغلال الاعمال كافة و/او معظمها بجميع الوسائل اهمها مؤخراً النشر الالكتروني.
يجب على كل من المؤلف والناشر مراجعة العقود الموقعة منهما سابقا، باعتبار ان الاكثرية الساحقة من عقود النشر التقليدية لم تكن تدرج اي بند متعلق باستغلال الحقوق الالكترونية.
وتاليا، على الناشر قبل نشر اي عمل الكتروني، وفي حال عدم ذكر العقود الموقعة منه او المراد توقيعها لاي حق لاستغلال الحقوق الكترونيا، ان يدخل في مباحثات جديدة مع اصحاب الحقوق لاستحصاله على اذن صريح للنشر الالكتروني.
هذا، ويعتبر ارسال كتاب خطي الى اصحاب الحقوق – ومنهم المؤلفين – يشرح فيه الناشر الوضع، طالباً ما يسمى «اذن نشر»، وجواب هؤلاء بعبارة «مع الموافقة»، كافيا للاستحصال على مثل هذا الحق. الاّ انه، وفي حال رفضهم و/او عدم الجواب، على الناشر التفاوض معهم، وعليه، تبعاً لذلك ان يستحصل على موافقة خطية تحت طائلة الملاحقة القانونية، بخاصة وان تنازل المؤلف للناشر عن استغلال مؤلفه ورقيا لا يعني تنازله عن حق الاستغلال الالكتروني للاثر، مما يوقع الكثير من الناشرين اللبنانيين والعرب بالخطأ. ان القانون اللبناني صريح في هذا المجال.
والجدير ذكره هنا، انه باستطاعة الناشر ايضاً ان يمنع المؤلف من استغلال العمل نفسه المنشور منه ورقيا لاسباب عدة كاستعمال الاخراج الطباعي (Layout) نفسه.