لاحظ قوله:”وقد يجوز فيها التذكير“، ثم قول الفرَّاء من قبله:”وقد يذكرها بعض العرب“، وقول ابن منظور:”وربما ذكِّرت في الشعر“. كل ذلك يدل على أن الغالب في استعمال العنكبوت في لغة العرب التأنيث، وأن تذكيرها قليل، وأنه مختص بالشعر. وإذا كان كذلك، فإنه من النادر الذي لا يقاس عليه.
ومما يدل- أيضًا- على كون لفظ﴿ الْعَنْكَبُوتِ ﴾مؤنث قول العوام: عنكبوتة؛ كقولهم: نملة، ونحلة. قال صلاح الدين الصفدي في كتابه( تصحيح التصحيف وتحرير التحريف ):”يقولون: عنكبوتة. والصواب: عنكبوت “. واستشهد على ذلك بالآية السابقة.
فثبت بذلك أن لفظ﴿ الْعَنْكَبُوتِ ﴾في قوله تعالى:﴿ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً ﴾ مؤنث، وليس فيما ذكرناه من أقوال ما يشير إلى أن المراد به التذكير. ومن الغريب أن بعضهم اعترض على كون المراد به الأنثى بقوله:”ولعله قد غاب عنهم بأن( العنكبوت ) مؤنث مجازي، وحيث أن الفعل قد تأخر عنه، وأصبح الفاعل ضميرًا مستترًا، وجب تأنيث الفعل في اللغة العربية، سواء كان المراد بالعنكبوت: الأنثى، أم الذكر“.
وهذا قول باطل؛ إذ كيف يكون لفظ العنكبوت مؤنثًا مجازيًّا، ثم يراد به الذكر؟ ثم لو كان المراد به الذكر، لوجب أن يقال:{ كمثل العنكبوت اتخذ بيتًا }، بتذكير الفعل؛ كما قال تعالى:﴿ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ ﴾(البقرة:249). فجاء بفعل﴿ قَالَ ﴾ مذكَّرًا؛ لأن فاعله يعود على﴿ طَالُوتُ﴾.
والظاهر من قوله تعالى:﴿ اتَّخَذَتْ بَيْتاً ﴾أن المراد بالعنكبوت: النوع، الذي ينسج بيته في الهواء، ويصيد به الحشرات. والجملة صفة للعنكبوت، وهذا أحسن من قول من جعلها حالية؛ لأن جعلها حالية لا يتأتى إلا على تقدير( قد ) قبلها. أي: كمثل العنكبوت قد اتخذت بيتًا. وفيه مخالفة لنظم القرآن.
وقال تعالى:﴿ اتَّخَذتَ بَيْتاً ﴾، ولم يقل:{ بنت بيتًا. أو نسجت بيتًا }- كما يقتضيه ظاهر اللفظ- وذلك لأن﴿ اتَّخَذَ﴾لا يقال إلا في الشيء المصطفى المحبوب. قال تعالى:﴿ وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً ﴾(النساء:125). وقال سبحانه:﴿ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ﴾(الفرقان:27). فالاتخاذ إنما هو اقتناء واجتباء، وهو افتعال من الأخذ. فإذا قلت: اتخذت كذا، فمعناه: اصطفيته لنفسي، واخترته لها.
وأصل﴿ اتَّخَذَ ﴾:{ تخِذ }، وتاؤه أصلية، وليست مبدلة من شيء. وعليه قول تعالى:﴿ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾(الكهف:77).وهو من الاتِّخاذ؛ كـالاتِّباع مصدر{ اتَّبَعَ } من{ تبِعَ }. وقول الجوهري وغيره: إنه{ افتعل } من{ الأخذ } وَهْمٌ، لا دليل عليه. ويبيِّن لك ذلك أن بين الاتخاذ، والأخذ فرق في المعنى والاستعمال؛ وهو: أن الأخذ حَوْزُ الشيء وتحصيله، ويكون ذلك بالتناول تارة، ويكون بالقهر تارة أخرى. ومثالهما قوله تعالى:﴿ مَعَاذَ اللّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ ﴾(يوسف:79). وقوله تعالى:﴿ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ ﴾(البقرة:255).
وجاء الأخذ بمعنى العقاب والعذاب، في نحو قوله تعالى:﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾(هود:10). وأصله في العربية: الجمع.
أما الاتِّخاذ فهو أخذ الشئ لأمر يستمر فيه؛ مثل الدار يتَّخذها صاحبها مسكنًا، والدابة يتَّخذها مركبًا؛ ومنه قوله تعالى:﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ﴾(النحل:68). ويكون الاتِّخاذ بمعنى: التسمية والحكم؛ ومنه قوله تعالى:﴿ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً ﴾(مريم:81). أي: سموهم بذلك، وحكموا لهم به؛ ليكونوا لهم شفعاء عند الله بأن لا يعذبوا.
ويجري﴿ اتَّخَذَ ﴾مجرى الجعل، فيتعدى إلى مفعولين، الثاني منهما الأول في المعنى؛ كقوله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ ﴾(المائدة:51).
وقال تعالى:﴿ اتَّخَذَتْ بَيْتاً ﴾، وأصل البيت: مأوى الإنسان بالليل؛ لأنه يقال: بات: أقام بالليل. كما يقال: ظل: بالنهار، ثم قد يقال للمسكن: بيت، من غير اعتبار الليل. وجمعه: أبيات، وبيوت؛ لكن البيوت بالمسكن أخصُّ، والأبيات بالشعر أخصُّ. ويقع ذلك على المتخذ من حجر ومدر وصوف ووبر، وبه شُبِّه بيت الشَّعْر. وقد يطلق لفظ البيت، ويراد به: امرأة الرجل وعياله. ويطلق على ما يبنى بناء اسم: البناء، والبنيان. قال تعالى:﴿ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً ﴾(الكهف:21).
يوجد في العالم أكثر من ثلاثين ألف نوع من العناكب
واستعمل البيت- هنا- فيما تنسجه العنكبوت؛ لتلتقي فيه مع الذكر وقت السفاد؛ ولتصطاد بخيوطه الحشرات، التي تتغذى بها، تشبيهًا له بما يبنيه الإنسان، لما فيه من حسن الصنعة، ودقة النسج. ويقال له: العُكْدُبَة. وعبَّر عن اتخاذها بيتًا بصيغةالندرة﴿ بَيْتاً ﴾؛ لأنهثبت أن العنكبوت نادرًا ما تنسج لها بيتًا؛ وإنما تظل مرتحلة متنقلة.
ويوجد في العالم أكثر من ثلاثين ألف نوع من العناكب. وقد يصل عددها إلى مائة ألف نوع، تتفاوت في أحجامها وأشكالها، ونمط معيشتها. وتعيش في أي مكان يتوافر به غذاؤها. وهناك نوع من العناكب، يمضي معظم حياته تحت الماء، ويعيش نوع آخر منها بالقرب من قمة جبل إيفرست، أعلى جبل في العالم، ويعيش بعضها الآخر داخل المنازل، ومخازن الحبوب، ومختلف المباني.كما تعيش أنواع أخرى على الجدران خارج المباني، وعلى واجهات وأطراف الأبواب والنوافذ.ومنها ما يعيش في جحور تحفرها بنفسها، أو تختبئ في الشقوق الصخرية؛ كالعنكبوت الصيادة البنيَّة، وتصيد الحشرات بنفسها. ويغلب عليها المعيشة الفردية والعدائية لبعضها بعضًا، ولا يوجد منها إلا أنواع قليلة جدٌّا تعيش في جماعات.
وذهب بعض العلماء إلى أن في قوله تعالى:﴿ اتَّخَذَتْ بَيْتاً﴾إعجازًا علميًا، وإشارة إلى حقيقة علمية مفادها: أن أنثى العنكبوت،التي تحمل في جسدها غدد إفراز المادة الحريرية، هي التي تنسج البيت، وليس الذكر، وهي حقيقة بيولوجية، لم تكن معلومة أيام نزول القرآن. وإن اشترك الذكر في بعض الأوقات بالمساعدة في عمليات التشييد, أو الترميم, أو التوسعة, فإن العملية تبقى عملية أنثوية محضة.
وهذه الحقيقة، التي أنكرها أعداء الإعجاز العلمي من المسلمين ومن غير المسلمين،وهاجموا القائلين بها، قد ذكرها بعض علماء المسلمين قديمًا، وقرَّروها في كتبهم. فهذا ابن عبد ربه يقول في كتابه( العقد الفريد ):”وليس ينسج من العناكب إلا الأنثى، وهي الخدرنق، وولد العنكب ينسج ساعة يولد “.
ذهب بعض العلماء إلى أن في قوله تعالى:﴿اتَّخَذَتْ بَيْتاً﴾إعجازًا علميًا، وإشارة إلى حقيقة علمية مفادها: أن أنثى العنكبوت،التي تحمل في جسدها غدد إفراز المادة الحريرية، هي التي تنسج البيت، وليس الذكر، وهي حقيقة بيولوجية، لم تكن معلومة أيام نزول القرآن.
وهذا الجاحظ يقول في كتابه( الحيوان ):”ولد العنكبوت يقوى على النسج ساعة يولد، وذلك من غير تلقين، ولا تعليم. وأول ما يولد دودًا صغارًا، ثم يتغير ويصير عنكبوتًا، وهو يطاول في السِّفاد. ومنه ما هو كبير، ونسجه رديء. ومنه ما هو دقيق، وهو يمدُّ السُّدى، ثم يعمل اللحمة، ويبتدىء من الوسط، ويهيِّىء موضعًا لما يصيده، يكون له كالخزانة. والأنثى منه هي التي تنسج، والذكر يحل وينقض“.
لاحظ قوله:”والأنثى منه هي التي تنسج، والذكر يحل وينقض“، وقول ابن عبد ربه:”وليس ينسج من العناكب إلا الأنثى“.وإن كانت بعض الدراسات قد أشارت إلى أن ذكور العنكبوت تغزل الخيوط، فإنها لم تغزلها؛ لتبني بها بيتًا، وإنما تغزلها لأغراض أخرى.
جاء في الموسوعة العربية العالمية:”تغزل جميع العناكب الخيوط؛ لكن بعض أنواعها لا تبني شراكًا. فعلى سبيل المثال يغزل العنكبوت المسلح خيطًا واحدًا في نهايته قطرة لزجة من الحرير، فعندما تطير حشرة بالقرب منه، يقذف العنكبوت هذا الخيط تجاهها؛ لتلتصق الحشرة بطرفه اللزج.
ويصنف العلماءُ العناكب إلى عناكب حقيقية، وعناكب الرتيلا، بناءً على فروق معينة بأجسامها، مثل طريقة توجيه الأنياب وحركتها. ويمكن وضع العناكب كذلك في مجموعات تبعًا لطريقة حياتها. فهناك عناكب غازلة للنسيج. أي: التي تغزل أنسجة لاصطياد الحشرات. وعناكب صيادة. أي: التي تجري خلف الحشرات، أو تختبىء مترصدة لها.
ويقوم ذكر العنكبوت قبل التزاوج بغزل منصة من خيوط الحرير تسمَّى: النسيج النطفي؛ حيث يصب عليها قطرةً من النطاف(الحيوانات المنوية)، يخرجها من منطقته البطنية، ثم يقوم بملء طرفي الرجلين الملمسيَّتيْن بسائله المنوي؛ ليستعملهما في نقل حييناته المنوية إلى جسم الأنثى أثناء التزاوج. بعد ذلك تختزن الأنثى الحيينات المنوية في جسمها، وعندما تضع بيضها بعد عدة أسابيع أو أشهر، يخصب ذلك البيض بتلك الحيوانات المنوية، التي خزنتها في جسمها بعد التزاوج “.(1)
والذكر البالغ في عناكب( الأرملة السوداء ) بعد أن يبنى خيوطًا حريرية، يخرج من جسمه مادة التزاوج، ويلصقها على هذا النسيج، وعندما يرى الأنثى، يبدأ بتحريك يديه، وتبادله الأنثى الحركات نفسها، ثم يلتقط بيديه مادة التزاوج؛ ليضعها تحت جانبها، ثم يتجه للجانب الآخر؛ ليعمل نفس الشيء، الذي يكرره عدة مرات.
وليس في ذلك كله ما يدل على أن ذكر العنكبوت يبني البيت كالأنثى؛ كما ادَّعى ذلك بعض الحاقدين على الإسلام، متَّخذًا من بعض الأقوال السابقة دليلاً؛ ليؤيِّد به ادعاءه، وليثبت بذلك- كما قال- خطأ القرآن وقائله.. تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا.
ومما تجدر الإشارة إليه أن الإعجاز في هذه العبارة، لم يكن في استعمال القرآن للفظ العنكبوت كمفرد يدل على الأنثى؛ لأن القرآن الكريم في هذه الآية- كما قالت الدكتورة بنت الشاطىء- يجرى على لغة العرب، الذين أنثوا لفظ العنكبوت من قديم جاهليتهم الوثنية؛ كما أنثوا مفرد النمل، والنحل، والدود، فلم يقولوا فى الواحد منها إلا نملة، ونحلة، ودودة، وهو تأنيث لغوى، لا علاقة له بالتأنيث البيولوجي؛ وإنما الإعجاز في الآية الكريمة هو في إسناد اتخاذ بيت العنكبوت إلى الأنثى دون الذكر في قوله تعالى:﴿ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً ﴾. وهذا ما أغفلته الدكتورة بنت الشاطىء، وتجاهله غيرها من منكري الإعجاز العلمي في القرآن الكريم؛ وذلك في ردهم على القائلين بوجود الإعجاز في هذه العبارة من الآية الكريمة.
ومثل إسناد اتخاذ بيت العنكبوت إلى الأنثى دون الذكر إسناد اتِّخاذ بيت النحل إلى الأنثى؛ كما أخبر الله تعالى عن ذلك بقوله:﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ﴾(النحل:68).
فالخطاب في هذه الآية الكريمة موجه للأنثى دون الذكر، وهي النحلة الشغالة، التي تجمع الرحيق، وتصنعه عسلاً، بدليل قوله تعالى عقب ذلك:﴿ يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ ﴾(النحل:69). أما ذكور النحل فيوجد منهاعدد قليل، يلقح أحدها الملكة قبل أن تضع البيض، ثم يموت.
ثم قال تعالى:﴿ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾فأخبر أن بيت العنكبوت هو أوهن البيوت على الإطلاق. وهو جملة استئنافية خبرية، جيء بها لبيان صفة العنكبوت، التي يدور عليها أمر التشبيه. ثم قيد الجملة بالعبارة الشرطية﴿ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾.
وأيُّ معنًى- كما قيل- أبلغ من هذا المعنى، الذي أكَّده الله تعالى من ستة أوجه؟ فأدخل﴿ إِنَّ ﴾، التي تفيد معنى التأكيد، وأتى بـ{ أفعل } التفضيل﴿ أَوْهَنَ ﴾، وبناه من{ الوهن }، وأضافه إلى الجمع﴿ الْبُيُوتِ ﴾، وعرف الجمع باللام، التي تفيد معنى الاستغراق، وأتى في خبر﴿ وَإِنَّ ﴾ باللام﴿ لَبَيْتُ ﴾، فأفاد بذلك أن أوهن البيوت، إذا استقريتها بيتًا بيتًا هو بيت العنكبوت. أي: لا بيت أوهن منه.
ولم تزل هذه الآية محيِّرة للعلماء والباحثين, قديمًا وحديثًا، فالقرآن الكريم قد أخبر أن أوهن البيوت على الإطلاق هو بيت العنكبوت، ثم قيَّد هذا الخبر بقوله تعالى:﴿ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾. والعلم الحديث قد أثبت أن بيت العنكبوت منسوج من أقوى الخيوط، التي تستطيع مقاومة الرياح العاتية، ويمسك في نسجه فرائس العنكبوت، من الحشرات، التي هي أكبر من العنكبوت دون أن يتخرَّق. وخيوطه دقيقة جدًا، يبلغ سمك الخيط الواحد منها في المتوسط واحدًا من المليون من البوصة المربعة, أو جزءًا من أربعة آلاف جزء من سمك الشعرة العادية في رأس الإنسان، ويتمدد إلى خمسة أضعاف طوله قبل أن ينقطع. وهو أقوى من الفولاذ المعدني العادي بعشرين مرة، ومن الألمنيوم بتسع وعشرين مرة،ولا يفوقه قوة سوى الكوارتز المصهور، وتبلغ قوة احتماله ثلاثمائة ألف رطل للبوصة المربعة. فإذا قُدِّر وجود حبل سميك بحجم إصبع الإبهام من خيوط العنكبوت، فيُمْكِنه حَمل طائرة ركاب كبيرة بكل سهولة. ولذلك أطلق عليه العلماء اسم
الفولاذ الحيوي )، أو( الفولاذ البيولوجي )، أو( البيوصلب ). وهذه الحقيقة يستطيع الإنسان أن يكتشفها بنفسه؛ حيث يمكنه بسهولة إزاحة بيت العنكبوت بسبب وزنه الخفيف، ولكن يصعب عليه قطعه، أو تغيير شكله الهندسي الدقيق!