أ.إسلام مندور مديــــر المنتـــــدى
عدد الرسائل : 964 العمر : 42 العمل : الدعوى الى الله تاريخ التسجيل : 30/01/2009
| موضوع: من أسرار القرآن الكريم .... وعد الله تعالى للمؤمنين الإثنين فبراير 23, 2009 8:48 am | |
| “وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون” (النور 55). وهنا وجوه اربعة بينة ظاهرة لتكريم هذه الأمة التي هي خير أمة اخرجت للناس كما اخبر سبحانه وتعالى بذلك “كنتم خير أمة أخرجت للناس” (آل عمران 110). ويستبعد البعض ان يكون المسلمون اليوم بما هم فيه من ضعف وتفرق ووهن خاصة عندما تفوقت عليهم امم غيرهم بالتقنية والتقدم ابناء هذه الأمة التي يعنيها القرآن بهذا التكريم والخيرية.
أسباب التخلف والحال الذي آلت اليه أمة الاسلام إنما هو لأسباب عدة منها: ان المسلمين تكاسلوا وتفرقت كلمتهم وفرطوا في استغلال الاسباب التي وضعت لتحقيق الخلافة. ان المسلمين تهاونوا في حق العبادة وانتشر الظلم بينهم وبين انفسهم وأكل بعضهم حق بعض فوقع حكم الله تعالى عليهم “نسوا الله فنسيهم” “نسوا الله فأنساهم انفسهم” “وإذا أردنا ان نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا” “ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”. أراد الله تعالى لغير المسلمين ان يتقدموا ويعلو شأنهم في العلم والتقدم واستغلال وسائل الحضارة والتفوق التقني حيث فتح لهم النوافذ ويسر لهم الاسباب وسهل لهم الطرق التي تمكنهم من التفوق المادي وذلك لحكم جمة منها ان تتكشف لهم الحقائق التي انكروها من قبل واستبعدوا حدوثها وكذبوا القرآن حين عرضها عليهم وكذبوا محمدا حين اخبرهم بها وطعنوا المسلمين في دينهم. ثم اتاح لهم الله تعالى ان يقتربوا من المسلمين اكثر فأكثر فاحتلوا ديارهم واغتصبوا حقوقهم وجعلهم اكثر منهم نفيرا وعدة وعددا كي يحتكوا بهم اكثر ولا تكون لهم حجة يوم القيامة بأن يقولوا لم نتعرف إلى الاسلام جيدا.
أمة خالدة ومع ما تقدم لا يمنع أبدا ان تكون هذه الأمة هي خير أمة وان تكون لها الميزة الكبرى وتستحق ان يعنيها الله تعالى بأن يعدها خيرا ويحفظها من هجوم خصومها عليها وحمايتها منهم وخاصة الذين يريدون النيل منها والقضاء عليها كأمة قائمة خالدة باقية الى يوم القيامة ولقد تعرضت الأمة الاسلامية على مر العصور الفائتة الى هجمات شرسة تتارية وصليبية وغيرها وعلى الرغم من ذلك لم يتمكنوا من القضاء على الاسلام ولن يقضوا عليه أبدا ولم يمكنهم الله تعالى ولن يمكنهم من ذلك فإنه بمنطق الحرب يتم القضاء على الدول المهزومة وكم من حضارات تفككت وكم من امم تناثرت وزالت “وتلك الأيام نداولها بين الناس” ولكن الأمة الاسلامية لها وضع خاص “لن يضروكم إلا أذى وان يقاتلوكم يولوكم الادبار ثم لا ينصرون” “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون” “يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون” (الصف 7). وهذا الذي يحدث لخصوم المسلمين هزيمة كبرى حيث ان هدفهم لم يتحقق برغم قوتهم وضعف المسلمين ولاتزال هذه الأمة قائمة على الحق كما اخبر الصادق المصدوق فإن أمة الاسلام خير أمة ما دامت تعبد ربها وما دام فيها قرآنها لم يحرف ولن يحرف. ولا يفهمن البعض ان المقصود بالوعد السابق هم الصحابة وعهودهم فقط ويتحججون بقوله تعالى “منكم” أي من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. على اعتبار ان قوله تعالى “منكم” للتخصيص فإن عمومية النص القرآني وشموليته اكبر من فهم الناس للألفاظ وتأويلهم لها بمحدودية فنحن معنيون ايضا بقوله “منكم” فنحن منهم ونحن من نسلهم ومن دينهم وعلى ملتهم وهم سلفنا ونحن خلفهم وكل من دخل الاسلام فهو منهم وان كان من العجم، والرسول صلى الله عليه وسلم اعلن ان سلمان منا وان صهيب منا وان بلال منا وان زيد بن حارثة منا، ونحن نقول: ان جل العلماء الذين اثروا المكتبة الاسلامية بالمؤلفات الإسلامية كانوا من العجم ولكنهم منا فإن التخصيص في اللفظ القرآني ربما جاء لحالة نزول النص وظروف الحالة التي كانت للمسلمين آن ذاك الا ان الشمولية والعمومية للقرآن الكريم تعطيه الميدان التطبيقي الفسيح في كل زمان ومكان وتحت أية ظروف ومشاهد فنحن المسلمين ونحن خير أمة ما دمنا متمسكين بديننا على الرغم مما نحن فيه من ضعف وهوان وعلى الرغم من اننا غثاء كغثاء السيل وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم ما نحن فيه اليوم وقد اخبر به واطلعه الله عليه وتلك حكمة الله ومشيئته وقضاؤه وقدره فينا وحكمته عظيمة نحني لها رؤوسنا ونعلن لها تسليمنا ونطلق لها ايماننا بها، دون ضجر أو انكار “أنت ربنا، قائم فينا أمرك صائر علينا حكمك ماض فينا وبنا قدرك ونحن لا نسألك رد القضاء بل نسألك اللطف بنا وان تلهمنا الصبر فيه يا رب”. ان تفوقنا وامتلاكنا لأسباب القوة مازال ممكنا، ولقد أدمى قلوب الآخرين ما حدث من تقدم المسلمين وامتلاكهم القواعد العلمية والاصول التي يبنى عليها العلم التقني والتقدم الحضاري فليس بعيدا ايها المسلمون ان تبعث فيكم حضارتكم السابقة التي سادت الدنيا وتعلم من علومها هؤلاء وغيرهم ومازالت مكتباتهم تعج بقواعد ونظريات ابن الهيثم وابن سينا والخوارزمي وابي بكر الرازي والكثير الكثير من علماء المسلمين السابقين واللاحقين والمعاصرين لهم اليوم فلا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس “إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرين” (يوسف 87).
الوعود الأربعة الأول: الوعد بالأمر الحسن وهذا الوعد دليل رضا ومحبة وعزة وكرامة ومفتاح لرحمة الله تعالى وامكانية المغفرة والسماحة وقبول التوبة والبركة في الرزق ومفاتح الخير والعناية الإلهية والهيمنة الربانية عليهم ونصرهم ولقد تخصص للمؤمنين أمور ليست لغيرهم “كل أمتي معافى إلا المجاهرين” “وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ان اصابته سراء شكر فكان خيرا له وان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له”. “فالذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة ورزق كريم” (الحج 50). “والذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب” (الرعد 29). “والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء” (الطور 21)، ونلحظ هنا ان الايمان لم يقرن بالعمل الصالح رحمة بالمقصرين وشمولية للضعفاء من المؤمنين وتلك رحمة الله تعالى السابغة الواسعة. الثاني: الاستخلاف وكونك خليفة يعني تسخير واستخراج مكونات الارض لك لتستغلها في الخير والنمو والمعرفة والمصلحة العامة بما يحقق لك فرصة اثبات وجودك وبلوغ مرادك وتحقيق ذاتك فهذا هو جزء من هدف وجودك على الأرض “إني جاعل في الأرض خليفة”. والخلافة ان امتزجت وخالطت واتحدت بالعبادة كانت تحقيقا للهدف البشري الذي خلق البشر من اجله “وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون” ولقد انقذ المسلمون الأوائل سكان البلاد المفتوحة من براثن الشرك ولم ينهبوا ثرواتهم أو يأكلوا حقوقهم وإنما فرضوا لهم ما للمسلمين السابقين وأوجبوا عليهم ما أوجب الله تعالى على المسلمين السابقين. يقول تعالى: “وعد الله الذين آمنوا منكم، وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض” والمقصود: ليورثنهم الله أرض المشركين من العرب والعجم، فيجعلهم ملوكها وساستها. كما استخلف الذين من قبلهم. الثالث: “وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم” فعلى الرغم من ضعف المسلمين وتهاونهم وتكاسلهم واستخفاف اعدائهم بهم إلا ان دينهم الحق ثابت قوي لا يملك احد من اعدائه الطعن فيه فهو يدحر الخصم ويعجزه عن ان تمسه يده الآثمة فهو قائم شامخ ثابت يتغيظ الكفار من ثباته ودقته. الرابع: “وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا” ونحن اليوم في اشد الحاجة الى هذا الأمن ولقد رأيناه يتحقق في المسلمين من قبل “الذي اطعمهم من جوع وآمنهم من خوف” والوعد مازال مطروحا حتى الآن على المسلمين بتبديل حالة الخوف الى أمن فالأمل قائم وبوادره واضحة واعداء الاسلام ليسوا بمعجزين في الارض، بل ان السوس ينخر فيهم الآن وسيأتي اليوم الذي ينهارون فيه كما انهار سد مأرب وكما انهارت الأمم السالفة ولكن على المسلمين ان يحققوا شرط ربهم عليهم، حيث قال سبحانه وتعالى:”إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم” وأن يقدموا لأنفسهم خيرا بالأسلوب الذي طلبه ربهم منهم: “يعبدونني لا يشركون بي شيئا” وهل في ذلك مشقة أو صعوبة أو استحالة أو شك؟
| |
|