- "عمر الدربي" المسؤول في وزارة الشؤون الاجتماعية تحدث للجزيرة عن خطّة ممنهجة في الجانب المصر لعرقلة عبور المساعدات، قائلاً: "عندما يُفتح المعبر تقوم السلطات المصرية بالسماح لإحدى الشاحنات الفلسطينية الفارغة بالدخول إلى الجانب المصري حيث تقوم بتفتيش الشاحنة والسائق، ثم تبدأ عملية تفريغ الإغاثات من الشاحنة المصرية إلى الفلسطينية يدوياً".مؤكداً أن هذه العملية تستغرق وقتاً طويلاً، مشيراً إلى أن تمرير 3 شاحنات في ثاني أيام العدوان استغرق 8 ساعات هي حصة فتح المعبر لذلك اليوم.!- كما لم يسمح كذلك بدخول الشاحنات الفلسطينية لنقل المعونات من مطار العريش بحجة عدم خرق السيادة المصرية. - المساعدات الغذائية والإيوائية الموجهة للقطاع، كان المصريون يحولونها من مطار العريش إلى معبر العوجة الاسرائيلي ليتم إدخالها وفق المزاج الاسرائيلي لتتكدس هناك، ومن ثم تُتلف العديد من الأطنان بإلقائها في البحر بحجة التلف. - خلافاً لتصريحات المسؤولين المصريين، فإن المعبر لم يتم فتحه بشكل كلي، إنما كان يفتح لساعات يومياً تراوحت بين 6-12 ساعة، كما تمّ إغلاق المعبر مدة 5 من أيام الحرب بحجة تهديد الطيران الإسرائيلي.- تم منع العديد من الوفود الطبية والصحفية من العبور داخل غزة في الأسبوعين الأولين من الحرب، بحجة أن الطريق غير آمنة، وعلى الرغم من توقيع الأطباء على وثائق تخلي مسؤولية الجانب المصري عن أي قصف إسرائيلي قد يتعرضون له إلا أن المنع تواصل.- تم إدخال 680 جريح فلسطيني عبر معبر رفح من أصل 5500 جريح، ليتوزع هؤلاء على المشافي المصرية والأردنية والتركية والسعودية، وتواترت الأنباء عن تعرّض الجرحى المعالجين في المشافي المصرية لعمليات تحقيق وابتزاز للحصول على معلومات بشأن المقاومة وقادتها وأماكن تخزين أسلحتها.- وفد طبي فرنسي أعلن عن عدم سماح السلطات المصرية بعبور 6 من الأطفال الجرحى عبر أراضيها لنقلهم للعلاج في فرنسا رغم جهوزية كافة الأوراق الرسمية.- كانت سلطات المعبر المصرية تمنع دخول سيارات الاسعاف المصرية لجلب الجرحى، إنما تحشدها على الجانب المصري للمعبر وهناك يتم عملية نقل للجريح من الإسعاف الفلسطيني إلى المصري في عملية مرهقة للمرضى ذوي الإصابات الحرجة.- خلافاً للمعمول به وفي تناقض واضح مع إتفاقية المعابر 2005 التي يتمسّك بها النظام المصري، سجّل تواجد شخصيات رسمية من حركة فتح على الجانب المصري للمعبر، يقومون بتصوير الجرحى ويأخذون نسخة من بياناتهم، ويتم التركيز على الجرحى من المقاومين وإعداد ملفات حولهم وإرسالها إلى حكومة فياض غير الشرعية. مما حدا بفصائل المقاومة إلى عدم إرسال جرحاها للعلاج بالخارج. - كما تم تسجيل حالات طرد لعدد من الوفود الدولية نهائياً من المعبر بحجة عدم احترام ضباط الأمن واستفزازهم كما حصل مع وفد طبي-برلماني تركي ، ومع وفد من الجراحين السويسريين.
إعادة إعمار أم إعادة عباس؟ومع إنتهاء الحرب المفتوحة على قطاع غزة، ساء الكثيرين النصر الذي حازته المقاومة الفلسطينية والحكومة الداعمة للمقاومة في غزة، فأشهروا سيف الإبتزاز السياسي عبر أموال الأعمار لخطف الأنظار عن نصر المقاومة، وتشويه هذا النصر بمحاولة إنتزاع الأهداف الإسرائيلية التي عجزت الحرب عن تحقيقها. وإن كانت الدول العربية في قمتي الدوحة والكويت قد أعلنت عن تبرعاتها لإعمار غزة، وصفَّق العرب لها طويلاً إلا أنه يجدر بالاشارة إلى أنّ أياً من هذه الأموال لم تصل بعد. وأنها أُرجأت إلى المؤتمر الدولي للمانحين التي أعلنت القاهرة عن عقده في أول آذار القادم، وكأنَّ على عشرات الآلاف من الفلسطينيين الذي يسكنون بالعراء الانتظار لشهر ونصف قبل إتخاذ القرار بمساعدتهم، فضلاً عن البدء بالتحرك على الأرض. وفق أرقام جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني، فإنّ :" 4100 مسكن في غزة دمّرت بشكل كامل ، إلى جانب 17 ألف مسكن آخر دمرت بشكل جزئي" ما يعني أن ما يزيد عن 50 ألف فلسطيني يجلسون بلا مأوى، فضلاً عن أن معظم سكان القطاع يعيشون بمنازل شبه مدمَّرة وبلا شبابيك تقيهم البرد، جراء تكسر الزجاج من شدة القصف .
الخسائر التي قدَّرها جهاز الإحصاء بـ 2 مليار دولار، لا يتم حل مشكلتها عن طريق الإعلان في المؤتمرات الصحفية عن التبرع بمليار أو اثنين، إنما تحتاج وفق الجهاز إلى: " فتح كامل وعاجل للمعابر لإدخال مواد إعادة الإعمار من حديد واسمنت ، ومعدات إصلاح شبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء التي توقفت عن العمل".
كان هذا ما نادى به أيضاً مدير عمليات الأونروا في القطاع "جون جينج" والذي تحدث متهكماً للجزيرة بأن الأموال التي يعلن عن التبرع بها لن تؤي المواطنين أو تدفئهم بينما القطاع لا يحتوي على كيس إسمنت واحد للبناء.
جدير بالذكر أن إسرائيل تمنع تزويد القطاع بالإسمنت والحديد منذ مايزيد على العامين مما وضع القطاع في أزمة عقار طاحنة سبقت الحرب بشهور.
الجانب الإسرائيلي من جهته منع قبل يومين خبراء فرنسيين مبعوثين من الاتحاد الأوروبي من إدخال منشآت لاصلاح شبكة المياه وفق وكالة الأنباء الفرنسية، متجاهلاً نداءات "جينج" بضرورة فتح المعابر ليس فقط أمام الإغاثات الغذائية إنما أمام كل إحتياجات الإعمار.
وفي ظل التعنت الاسرائيلي، يتساءل مراقبون إن كانت مصر لديها الرغبة في كفاية الجانب الفلسطيني من الحرب البطيئة التي تشنّها إسرائيل عبر الحصار، وهل ستستجيب مصر للمطالبات الشعبية عبر العالم لجعل معبر رفح رئة الفلسطينيين التي تضخ لهم إكسير الحياة لا رائحة الموت.!
المعركة لم تنتهِ بعد
بموازاة المعركة السياسية التي تقودها فصائل المقاومة من أجل كسر الحصار وإتمام الإعمار، فإن الجماهير مطالبة اليوم بألا تنخدع بوقف إطلاق النار وتوقف تحرُّكها الشعبي القوي والمؤثر.
وعلى الجميع الذين أثارتهم مشاهد الأشلاء والموت أن يتذكروا أن آلافاً من الجرحى ما زالوا بجراحهم النازفة ودمائهم الساخنة يقبعون على أسرة الشفاء التي لا تتوافر فيها أدنى الخدمات. وأنَّ عشرات الآلاف ممّن أثارتنا مشاهد منازلهم تنهار على رؤوسهم أحياء، مازالوا يلملمون ما تبقى من ذكرى أحبائهم تحت الرَّدم، دون أن يجدوا مأوى يقيهم مصيرَ من سبقوهم من أحبَّة.
فالموت البطئ الذي يدهَم غزة لا يقلّ مرارة عن أيام الحرب، وإن كانت إسرائيل صنعت لهم موتاً سريعاً، فإن التراخي الشعبي بعد الحرب يصنع موتاً بطيئاً، يمكن لنا أن نوقفه بقوة الجمهور والاحتجاج الشعبي لدى سفارات الدول المشتركة بالحصار، والمؤسسات والممثليات الأوروبية والأممية التي تواصل صمتها على مأساة غزة المركَّبة.