هما كلمتان متطابقتان في أحرفهما، وبينهما بُعد المشرقين في معانيهما ودلالاتهما.. ولكن كثيراً ممن يعملون في العمل الإداري يخلطون بينهما؛ فيرون أن إرادتهم القوية والخيِّرة كافية لتشغيل مؤسساتهم بفعالية عالية دون حاجة إلى تطبيق مبادئ علم الإدارة المؤثرة .
إن ضعف التصور والمعرفة بحقيقة علم الإدارة، ودوره في بناء المؤسسات وتحقيقه لأهدافها بأقل الجهود والموارد الممكنة، يقف في مقدمة الأمور التي تقف وراء هذا الخلط ،إضافة لتصور البعض أن الإدارة علم صعب المرتقى، يشق عليهم فك طلاسمه وحل عُـقده، ولذلك لا يسعون إلى معرفته فضلاً عن تطبيقها كما أن الاعتقاد بأن إدخال النظم الإدارية في تلك المؤسسات سوف يعقّد أمورها، ويطيل إجراءات عملها، ويقيد من صلاحيات مسؤوليها له أثر كبير في تفضيل الإرادة .
ومن الأمور الأخرى المهمة في تعميم الإرادة كظاهرة :تضخيم نجاحات المؤسسة وأنها حدثت –بعد توفيق الله– بإرادة المسؤولين دون حاجة إلى علم الإدارة وتصوّر بعض المسؤولين أن تطبيق عناصر الإدارة الحديثة في المؤسسة التي يعملون فيها سيُـظهر للآخرين ضعفهم في فهم العملية الإدارية وتطبيقها، وقد يتسبب في إبعادهم عن المؤسسة أو على الأقل عن المناصب القيادية فيها وميل شخصية بعض المسؤولين وثقافته إلى عدم الرغبة في التجديد والتغيير في حياتهم كلها، ومنها حياتهم الوظيفية . واعتقاد البعض الآخر أن الشهادة الأكاديمية العليا (في غير الإدارة) ضمان لكفاءة الشخص في إدارته للمؤسسة فيما تؤثرالتكلفة المادية لبعض التغييرات الإدارية التي غالباً لا يراها المسؤول مكافِئة للتغيير المراد إحداثه، ولذلك يلجأ إلى الأسلوب الفردي والاجتهاد الشخصي في التغيـير، رغبة منه في تجنب تكاليف ليس لها مسوّغ كما يظن.
عندما نفكّر في العمل الإداري كأمر متسلسل، نجد عند أحد جوانب الطيف يقف الفرد ذو الكفاءات والمقدرات العالية الذي يقدم مساهمات منتجة من خلال الموهبة والمعرفة والمهارات المكتسبة وعادات العمل الجيد، بينما يقف في الطرف الآخر من الطيف القائد المؤثّر الذي يحفز الالتزام برؤية مقنعة ويشجع المجموعة على تحقيق مستويات أداء عليا. وفي الطريق ما بين هذه النهاية وتلك نجتاز مرحلتي عضو الفريق الفعال، والمدير الكفء.
عندما تعرف المزيد عن شخصيتك ستتفهم موقعك في هذه السلسة بشكل أفضل، وتتفهم تأثيرك على الآخرين وكيف عليك أن تدير نفسك، كما يصبح بإمكانك أن تقرر الأشياء التي تحتاجها لتطوير نفسك. الخطوة الأولى في محاولة التعرف على الموقع الذي تقف فيه من هذا الطيف هي التعرف على أسلوب القيادة الذي تنتهجه والمميزات والكفاءات الشخصية التي تتمتع بها وتأثيرها في إدارة التغيير وإدارة المعاملات وإدارة الأفراد
المستوى الخامس للقيادة :
ما هو المستوى الخامس وبماذا يتميز قادته؟
المستوى الخامس للقيادة هو المستوى الأعلى من القيادة الذي لا بد من وجوده في أي تنظيم يرغب في الوصول إلى سوية مرتفعة من الأداء التنظيمي.
جيم كولينز هو القائل بنظرية المستوى الخامس ونظريته هذه بالرغم من بساطة معطياتها، إلا أن تنفيذ مضمونها ليس بالأمر السهل. تتلخص نظريته ببساطة بمعادلة صغيرة: التواضع + الإرادة = المستوى الخامس.
يرى كولينز، أن قادة المستوى الخامس يُحيّدون حاجات الذات بعيداً عن أنفسهم باتجاه أهداف أكبر لبناء تنظيم عظيم، إلا أن هذا لا يعني أن قادة المستوى الخامس ليس لديهم أنا أو اهتمامات ذاتية. في الواقع هم طموحون إلى حد لا يُصدق- إلا أن طموحهم مكرس أولاً وأخيراً إلى التنظيم، لا إلى ذواتهم. قياديي المستوى الخامس من المدراء التنفيذيين يبنون عظمة ثابتة من خلال مزيج من التواضع الشخصي والإرادة القوية أو كما يسميها كولينز القيادة لمحترفة.
عنصري المعادلة:
يبين الجدول التالي خصائص الإرادة المحترفة من جهة وخصائص التواضع الشخصي من جهة أخرى. تذكر أن اجتماع هذه الخصائص في شخص واحد يصنع قائد المستوى الخامس:
الإرادة المحترفة
تفضي إلى نتائج رائعة وتخلق حافزاُ قوياً في التحول من الجيد إلى العظيم.
تصميم وعزيمة ثابتة لإنجاز كل ما يمكن إنجازه للوصول إلى أفضل النتائج على المدى الطويل، بغض النظر عن مدى صعوبتها.
تضع المعيار لبناء مؤسسة عظيمة ومستمرة؛ لا تقبل الإرادة بأقل من هذا.
ينظر في المرآة ولا ينظر خارج النافذة لكي يوزع مسؤولية النتائج السيئة ، لا يلقي اللوم على الآخرين أو على العوامل الخارجية أو الحظ السيئ
التواضع الشخصي
يظهر متبنيه تواضع مقنع، يتجنب تملق الجمهور، غير مغرور.
يتصرف بعزيمة هادئة؛ يعتمد بشكل أساسي على المعايير الملهمة، وليس على الشخصية الساحرة في التحفيز.
يوجه الطموح نحو الشركة، وليس نحو الذات؛ يرفّع الناجحين لإنجاز نجاح أكبر حتى في الجيل التالي.
ينظر من النافذة إلى الخارج ولا ينظر إلى المرآة، لكي يوزع امتياز نجاح الشركة على الآخرين، والعوامل الخارجية والحظ السعيد
يعتقد كولينز أنه من الممكن جداً التطور من المستوى الأول إلى المستوى الخامس. الشيء الذي يتوجب على القائد الملهم أن يحققه هو الوصول إلى الصفات الضرورية بوعي تام. وسواء وصلت إلى المستوى الخامس أم لم تصل، إلا أنها محاولة تستحق العناء، لأن حياتك الخاصة وحياة كل من تجد نفسك على اتصال بهم سترتقي نحو الأفضل إذا ما بذلت محاولة للوصول إلى هناك
إذا لم تكن قائداً من المستوى الخامس فما هو المستوى الذي تقف عنده؟
أنت لم تصل بمجموعتك إلى طبقة فريدة من الأشخاص، الذين يمتلكون القدرة على بناء عظمة مستمرة من خلال ارتباط صعب بين التواضع الشخصي والإرادة المحترفة. إذاً أنت لم تصل بعد إلى نهاية طريق التطوير الشخصي وعليك أن تستمر بالمحاولة لتصبح مؤهلاً بشكل أفضل للعمل لتصبح تنفيذياً أو قائداً من المستوى الخامس.
يمكننا أن نلقي الضوء - على سبيل المثال- على قائد المستوى الرابع ما هي خصائصه؟
قائد المستوى الرابع أو القائد الفعال: يحفّز الالتزام والمتابعة النشيطة لرؤيا واضحة ومقنعة؛ يحفز المجموعة من أجل مستويات أداء عليا.
يطلق عليه جيم كولنز، واضع مفهوم قائد المستوى الخامس، على هذا القائد تنفيذي المستوى الرابع عنما تصبح في هذا المستوى، تكون قد حققت الالتزام والمتابعة النشيطة لرؤيا واضحة ومقنعة؛ وحفّزت مجموعتك من أجل مستويات أداء عليا. عليك بالمزيد من التركيز على معادلة كولينز البسيطة: التواضع + الإرادة = المستوى الخامس.
أين أنت في معادلة الإرادة والتواضع؟
ما الذي تجده أكثر صعوبة : التواضع أم الإرادة؟
تغطي مجموعة كفاءات التحول أو التغيير جانب الإرادة في القيادة، على سبيل المثال: السلطة، الاتصالات، العلاقات، خوض المخاطر، الإنجاز والقرار.
في حين تغطي كفاءات إدارة الأفراد جانب